رسالة إلى الذين يعرفون أنفسهم

2 دقائق للقراءة

واجهت في حياتي أعداء كثرا.
واجهتهم يافعا موهوبا، فكرهوه حسدا.
وشابا قويا طموحا، فازدادوا كمدا.
وأواجههم اليوم وقد بلغتُ أشدِّي، فلم يفز منهم أحد علي أبدا.
صحيح أن البيادق تغيرت، لكن اليد التي تحركها واحدة، يد شيطان رجيم.
الحقد والكراهية، السخرية والاستهزاء، التشكيك والطعن، السب واللعن، النفاق والغدر، المحاربة بشتى الوسائل، ذلك بيت عنكبوت، أسلحة واهية تردي أصحابها في داهية، وما أدراك ما هيه، نار حامية.
لأن أحدا منهم لم يحاربني لأني ظلمته، أو أسأت إليه، أو نهبت ماله، ولكن لمجرد مرض في النفس طغى على القلب فأمره، فزادهم الله مرضا.
اليوم وقد أثبت للجميع، من عدو ومن صاحب، قريب أو بعيد، واثق أو مرتاب، مؤيد أو محارب، معترف أو معاند…
أثبت لهم جميعا عظيم ما حباني به ربي من علم وكرامة، ومنزلة في قلوب الصالحين من عباده، الذي يرون بنور البصيرة، ومكانة في صدور الرجال الذين يقرون بالفضل للرجال دون حرج ولا ضيق صدر.
مع عمل كبير، وقفت فيه مع وطني حين عوت ذؤبان التكفير، ونبحت كلاب التعهير، وضرب الإرهاب بنابه، ونهش التطرف بحرابه.
وإبداع فياض، شعرا ونثرا، قصة ورواية، وأغان انتشرت في العالم وتردد صداها في الكوكب كله.
ثم حكمة لدنية، ومعارف خضرية، وعلوم لا تكون إلا من لدن حكيم خبير، وراثة عن آبائي آل بيت النبي، من لم أكتم حبهم، ولا نكثت عهدهم، ولا تركت لسابق أو لاحق مجالا في مدحهم وتبيان حقيقة ما كان من أمرهم، والظلم الذي كان، والافتراء الذي زُرع في رحم التاريخ لينجب مسوخا دمرت وجه الحضارة وشوهت حقيقة الدين.
ونفحا من سادتي الصالحين الذين أفنيت عمري في خدمتهم والذود عنهم ميدانا وبيانا.
وإني، على ما رفع به الله من مقامي، وما أيد من طيب كلامي، أضع ذاتي وحياتي وروحي وجسدي تحت قدم سيدي وإمامي، ويشهد الناس كيف دافعت عن مولده حين قال المرجفون أنه بدعة، في كل وسيلة إعلام وكل منبر ومجلس، يوم كان أكثرهم يخشى أن يفتح فمه.
وليس في نفسي، وأيم الله، ذرة من غرور، ولا في بياني حرف كذب أو زور.
إنما هي هيعة حيدرية، في معمعمة خيبرية، يسمع صداها القاصي والداني، والمحق والجاني.
وها أنا أعلنها على الملأ، وربي شاهدي، قسما بالله لن تقدر علي خيلكم ولن يغلبني جمعكم ولن يضرني مكركم ولن يمسني كيدكم ولن تعلو علي رايتكم ولن يُبهج الله قلب أحد منكم بكسري ومذلتي، يا أذيال كل شيطان، وأتباع كل ناعق، ولن تنهبوا خيمة العقيلة مرة ثانية، ولن تقطعوا كف الكفيل، ولن تمنعوا الماء عن آل بيت النبي، بل الظمأ لكم والوبال عليكم، وعقاب الله قادم إليكم، وكل مكر لكم يبور، وعليكم دائرة الأمور.
لأن الحق سبحانه قال: “من عادى لي وليا قد آذنته بالحرب”.
وهب أني لست ذلك الولي، فالخادم ينال من مقادم مخدومه، وخادم الصالحين محسوب عليهم.
ومن رام أن يجرب فالميدان مفتوح، وسيعرف سر المنفوح، وتنزلات الروح، وغضب القيوم السبوح، وسر دعوة نوح.
“مِّمَّا خَطِيٓـَٰٔتِهِمۡ أُغۡرِقُواْ فَأُدۡخِلُواْ نَارٗا فَلَمۡ يَجِدُواْ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَارٗا (25) وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِن تَذَرۡهُمۡ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوٓاْ إِلَّا فَاجِرٗا كَفَّارٗا (27)” [نوح ٢٥-٢٧]

مقالات ذات صلة

طفل وصورة
كان طفلا في مدرسة لها قسمان، سورها من شجر عال متكاثف له شوك أبيض طويل. يلبس صندلا من البلاستك ذي النتوءات التي كثيرا ما...
4 دقائق للقراءة
صوت لا يخبو ونبض لا يموت
وتبقى الكلمة…موقفا وروحا ونبضا لا يموت.كثيرا ما يُظلم الشعراء، وكثيرا ما تجد القصائد الجميلة نفسها سجينة في زمن يطغى فيه الابتذال وتسيطر عليه الرداءة.وكثيرا...
< 1 دقيقة للقراءة
لقاء مع العملاق
لقاء جديد مع العملاق، صديقي الفنان الكبير لطفي بوشناق، مناضل بالفن، مناصر للقضية، موغل في حب الوطن، وفي العروبة، وفي حب فلسطين.فنان من زمن...
< 1 دقيقة للقراءة
زيتونة
اجلس تحت شجرة زيتون اتنسم نسائمها البارده واتنعم بظلها الوارف واستمع لحفيف الريح على اغصانها يعلو كانه العاصفه ثم يخفت حتى لا يكاد يسمع...
< 1 دقيقة للقراءة
في فلسفة الوجع
حياتنا قصة مكتوبة في لوح القدر، ونحن نقرؤها بتنفيذ ما فيها، ونتكشف كل يوم ورقة من ورقاتها، فصلا من فصولها، حدثا من احداثها…ونبقى في...
2 دقائق للقراءة
تحية لتلاميذي
تلاميذي هم أبنائي، نمور علمتهم ودربتهم ومنحتهم ثمار عذابات عمري وخلاصة شقاء سنوات التدريب القاسي والبلاء المر.وفي مدرستي يكون التعليم في الحال والمقال، في...
< 1 دقيقة للقراءة
في معنى كلمة مولى
ذكر أحد الأحبة عن كلمة “مولى”، أن المولى هو الله عز وجل، وليس الإنسان مولى لأحد.وهذا فهم ضمن معنى الربوبية الإلهية حصرا، لكن للألفاظ...
2 دقائق للقراءة
استقلال وشعر
الشعر استقلال للغة، وتحرر للمعاني، وتحرير للصور من استعمار النمط وسيطرة القوالب.وعبث جميل بحجارة الأفكار، وطيران باجنحة الخيال في آفاق الممكن والمستحيل.وبين العشرين واليوم...
< 1 دقيقة للقراءة
يابا العمدة
منذ الصبا كنت اتابع واحب المسلسلات المصرية، وكنت مغرما باللهجة الصعيدية، وبمشاهد بقيت راسخة في ذهني.ومن الشخصيات التي كنت احبها شخصية “العمدة”، ومشهد الغفير...
< 1 دقيقة للقراءة
كلمة على سطر الشاعر
تكريم الشاعر من طرف الملحّن والمغني أمر رائع على ندرته في تاريخ الأغنية العربية، التي يكون المجد فيها ماديا ومعنويا للمغني حصرا، وأحيانا يتسلل...
4 دقائق للقراءة