3 دقائق للقراءة
علم الربط علم شاسع، لك أن تتأمل فيه بقلب نقي وروح متيقظة وعقل مستنير، ولك أن تستخدمه العلم لتنظر في الترابط وما أسميه “الحكمة الترابطية” في قصص الأنبياء في القرآن، وستذهل لما ستراه في قصة نبي الله يوسف مثلا وترابطاتها وارتباط قوله سبحانه:” إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4)”
وقوله: ” وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36)”
فقوله: ” وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ۖ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)”
ثم قوله: ” وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45)”
إلى قوله تعالى: ” وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)”
وهنا تكون تجلي الربط وتجلية معانيه وخفاياه وخباياه، أمر نجده في الحياة كثيرا ولا نكاد نلمسه حقيقة لأن أكثر ربط خفي ضمن ما أسميته “علم الخيط الرفيع” وهو فرع لطيف من علم الربط ولكنه علم منفرد قد افرد له مبحثا خاصا مختزلا لأنه أفق ممتد وبحر بلا حد.
وفي قصة نبي الله يوسف عليه السلام حكم ومعان، وسأرجع لبعضها في دروس في وهو ما سأرجع إليه بمزيد من التفصيل في علم التأويل، وكذلك قصة نبي الله موسى، وسواها من القصص، حتى تجد قصتك أنت، لتعلم أن العالم من حولك كله مترابط من السموات والأرض إلى البيت الذي تسكن فيه والسرير الذي تنام عليه ومن ثم جسدك أوتارا وأعصابا ونظما، لديك روابط أسرية وصلة رحم عليك أن تتفقدها وتعطيها حقها، وأن لديك سلالة أنت مرتبط بها من أجدادك إليك وإلى أولادك وأحفادك من بعد، وأن كل البشر مرتبطون في عائلات وقبائل ودول وصولا إلى أبيهم آدم، ثم تحاول تلمس الروابط بين أحلامك وواقعك، وروابط تعبير الرؤى ودلالاتها وعلمها، وبين نفسك وذاتك، وبين روحك وجسدك، وإصلاح تلك الروابط جوهر علوم النفس وعلم التصوف وعلوم فنون الدفاع وجوهر التشريع كله، لتصل الى إصلاح الروابط مع ربك وتفعيلها، وفصل روابطك مع نفسك الأمارة وشيطانها، وهكذا فلا ربط إلا بفصل، ولا فصل إلا بعد ربط، فانظر الروابط ما أشدها وما أكثرها وما أبلغ أثرها، ثم لك أن تمضي إلى كتابة القصة والسنياريو، لتطور بفهمك للربط من الروابط بين الأحداث والأبطال، ثم تجد نفسك تربط كل ذلك بعلامات ودلالات لتجد علم أشراط الساعة وارتباطها بمشهد في التلفاز لقارعة أو حدث عجيب أو مما تراه بعينك عاديا، أو حتى في فلم سينمائي يمر دون أن تنتبه إليه أو تفهم خلفياته وحقائق ما يبديه ويخفيه وارتباطها بوكالة الفضاء وببعض المعتقدات وبعض اللمحات وما لها من ارتباط بالإلهام والرؤى الجماعية… ثم لتعلم في منتهى تأملك للروابط أن كل شيء مرتبط بالله خالقه ومسيره، وستلمس أوجها أخرى لذلك ضمن علم التماهي.فذلك جوهر مؤد إلى علم جليل، هو العلم بالله..فإلى رحاب العلم بالله…..
” لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)”