الْقَبْرُ الأبْيَضْ (لحّنها وغنّاها الفنان الكبير لطفي بوشناق بعنوان “أوبريت أبحث عن وطن”، مع كل من الفنّانتين يسرى زكري ولينة بن علي) للاجئين وليل بردهم الطويل…وللمُغْرقين في القبرِ الأبْيضِ الـمتوسط..وللرضيع السُّوري “إيلان”

2 دقائق للقراءة

قِفي قَليلاً عَلى جُرْحِي ودُلِّيني
أنـَّى الـمَفرُّ فهذَا الجُرْحُ يُدْمِيني

ماذا أقولُ وكيفَ الحرفَ أُنجِدهُ
والجرحُ يتبعُني مِنْ بَدْءِ تكْوِيني

جُرْحَ العراقيِّ أشْكُو أَمْ تُرى وجَعِي
جُرْحُ الدِّمشْقِيِّ أَمْ جُرْحُ الفِلسْطِيني

أَمْ لليمَانيِّ نزْفُ الجرْحِ يسألُه
ما للعُروبَةِ بالأوجَاعِ ترْمِيني

قِفِي طويلاً فهذَا الأمْرُ حيَّرنِي
لكأنني وجَعٌ مُذْ نشْأَةِ الطِّينِ

في صرْخَتي أَلـمٌ لله أرفَعُهُ
كالصَّوْتِ أسْـمـَعُهُ دومًا يُنَادِيني

وَوُجوهُ مَنْ ظَلمُوا لكأنَّ ما علِمُوا
أنـِّي الشَّقِيقُ لهمْ في الأرْضِ والدِّينِ

وكأنـَّمَا عبدُوا غيْرَ الإله فَهُمْ
قَدْ قَدْموا جسَدِي بينَ القَرابينِ

ونظرْتُ في وجَعٍ للأرضِ إذْ صَرختْ
هدُّوا تواريخِي باعُوا نيَاشِيني

مسكينُ مَنْ خدَعُوا إذ قولُهُمْ خُدَعُ
وحرابَهُمْ زرَعُوا في ألـْفِ مِسْكينِ

وأنا الَّذِي هدمُوا بيتي ومَا رحِمُوا
بالْباطِلِ اقْتَحَمُوا يا للْمَلاعِينِ

فلجَئْتُ مرتحِلاً بالحزْنِ مُكتحِلاً
لا أُفْقَ يعرِفُني لا سَقْفَ يُؤْويني

خلْفِي أرى شعْبا قَدْ مزَّقوه فلاَ
هُمْ أنجدُوهُ وقَدْ باعوهُ في الحينِ

ناديتُ ما سَمِعوا جيرانُ أعْرِفُهمْ
إذْ صرخَتي وصلتْ للهنْدِ والصِّينِ

ودعوتُ مُعتَصِمًا فعساهُ يغْضَبُ لي
أو عَنْترَ العبْسِي بالعَونِ يأْتِيني

وسعيْتُ أطلُبهُمْ هبُّوا لنجْدتِنَا
في غيْهبٍ سَمدُوا والرأسُ في الطِّينِ

وشيوخُ مَكْذَبةٍ لله ما عَرفُوا
بالدِّينِ قَدْ نَصَرُوا ظُلْمَ السَّلاطِينِ

حُضْنِي احْتَوى ولَدِي في حُرْقَةِ الكبِدِ
والْمَاءُ يَدْفَعُنِي طَوْرًا ويَطْويني

واللَّيلُ في غُصَصٍ كمْ قصَّ مِنْ قِصَصٍ
والـمَوْجُ مُرتفِعٌ حولي يُحَاذِيني

والـمَوتُ مُنتظِرٌ في لـُجَّةٍ ولهُ
في قلبه ولَهٌ يغزُو شَراييني

قَدْ كان مركِبُهمْ في البحْرِ مِشْنَقةً
للحتْفِ ظَامِئةً فِي حِقْدِ صُهْيوني

تلْتفُّ تخْنُقُني أطْفو فتُغرِقُني
والـماءُ يُحرِقُني والبرْدُ يَكويني

في أبْيضٍ جُثثٌ سوْداءَ يقْبُرُها
لا صوْتُ حورِيَّةٍ غنَّت لتَسْبِيني

وهفتْ بيَ صُوَرٌ للأرْضِ أزْرعُها
والحقْلُ مبتهجٌ بالزَّهرِ يغويني

والشَّامُ أعشقُها ما كنْتُ أترُكها
لولا مجازِرُهمْ للموْتِ تهْدِيني

ورأيتُ في جزَعٍ طِفْلي على وجَعٍ
في الـماءِ مبتْهلاً لله يُنْجِيني

وذكرْتُ ضِحْكَتهُ فرَحِي بـِموْلِدِه
إذ أمُّهُ ابتسَمتْ مثْل الرَّياحينِ

سَمَّيتُهُ وطَني ومنَحْتُه زمَني
أَورَثْتُه مِحَني ومضَيتُ أبْكِيني

يا زهْرةً غَرِقتْ في اليَمِّ قَدْ غَرِقُوا
في لعْنةٍ أبدًا كلُّ الشَّياطِينِ

سوسة ‏02‏-09‏-2015‏ 21:58:42

منشورات ذات صلة

للأمانة
  للأمانة إن ما يجري خيانة صهيون لم يقتل لوحدهْ كم خائنا منا أعانه ويود أن نفنى لكي يُبقي كيانه غاصبا للأرض مهترئ الملامح...
< 1 دقيقة للقراءة
احمليني على كتفك
هذا مشهد من المأساة…. فيه معان أعجز عن حصرها… أكتفي منها بهذه القصيدة، التي مزجت فيها بين اللسان العامي والفصحى. مجرد صرخة أخرى، وسأسجلها...
< 1 دقيقة للقراءة
لم تعد لي رغبة في الكلام
لم تعد لي رغبة في الكلام ولا في سماع الخطب فذي النار قد أسعرت للضرام فماذا يفيد أنين الحطب   لم تعد لي رغبة...
< 1 دقيقة للقراءة
ما من كلام
ما من كلام يريد الصبر صاحبُه إلا وحزن مدى البلوى يصاحبُه جرح عميق وأوجاع ملازمة وهموم دهر لها صوت يعاتبهُ ماذا يقول لسان الحرف...
< 1 دقيقة للقراءة
ولاء
قصيدة ولاء 🍁 الشيخ الدكتور مازن الشريف الحسني الحسيني يا شقيق الفؤاد حينا فحينا ردد الشدو عن جوى الصالحين ردد الشدو رائعا سلسبيلا يستحث...
< 1 دقيقة للقراءة
عينان من تحت الثرى
هذه الأعين تحكي خبرا عن صغير قد رأى إذ نظر تحت سطو البؤس والوجع الذي صيّر الأحزان نهرا وجرى وجفون ذابلات بعدما زمجر الزلزال...
< 1 دقيقة للقراءة
نحب البلاد
نحب البلادَ ونعشق سر البلادْ نمد الأيادي لصد الأعادي ونحرس وجه البلادْ فإن البلاد التي أنجبتنا تعز علينا وإن البلاد التي أنبتتنا تحن إلينا...
< 1 دقيقة للقراءة
بكل أمانة
خيانة ولكن بكل أمانة وصدق عميق التقمص للكذب المفترى والمهانة ومهما يهينون أو يفسقون فهم يفرحون بأسيادهم لأن الكلاب تحب الإهانة يبيعون اوطانهم للجحيم...
< 1 دقيقة للقراءة
نفس الدرب
لم تخرج حيا لكنك أحييت ضمائر ميتة في عصر الرعبْ وجمعت الناس على بئر في الزمن الصعبْ ينتظرون ولادة طفل من قاع الجوف وبقيت...
< 1 دقيقة للقراءة
للطفل ريان
لست نبيّا لكنك في جوف البئر لم يأتك ما جاء ليوسف لتنبأهم حين تعودْ العالم ينظر في حيرة ما حكمة بئر تسقط فيه وأنت...
< 1 دقيقة للقراءة