< 1 دقيقة للقراءة
يحكى أن سمكة كانت تسبح في اليم فرأت طعاما معلقا بخيط يتدلى من أعلى، ففرحت فرحا شديدا، وحسبت أن قوتها أتاها بلا عناء من عالمٍ فوق الماء.
ولما فتحت فمها وابتعلت الطعام أدركت أنه كان في الحقيقة طُعما، وانغرزت إبرة حادة في حلقها، ورأت من حولها مئات السمكات معلقة بصنارات الصيادين، وسمعت قوة الجذبة وضحك من وضعوا تلك الفخاخ في قلب البحر.
حركت زعانفها بقوة وهي تحس بثقل الموت يتخلل خراشفها، وضربت بذيلها الماء بقوة حتى انفلتت بجرح غائر في حنجرتها وجرح أعمق في قلبها، وفرّت لا تلوي على شيء بعد أن ذاقت من كأس الردى جرعة مركزة.
بعد لحظات، كانت السمكة تسبح في اليم بجرح في فمها، فرأت طعاما معلقا بخيط يتدلى من أعلى، ففرحت كثيرا وضحكت فأوجعتها حنجرتها، حاولت أن تتذكر سبب الجرح فلم تستطع، حاولت أن تعرف من أين يأتي ذلك الطعام المتدلي بخيط فلم تقدر، لقد كانت واثقة أنها ترى ذلك المشهد وتعيش تلك الحالة لأول مرة. ابتلعت الطعم، ورفعتها يد هازئة إلى حافة الاختناق، وماتت وهي تتخبط، والصنارة تهمس في أذنها: أيتها الحمقاء، لقد نجوتِ مني مرات قبل هذا، وانغرزت في حنجرتك مرات، لكني كنت مطمئنة أنك ستقعين أخيرا، فلا نجاة لمن ليست له ذاكرة.
سوسة 23-12-2020 18:48