< 1 دقيقة للقراءة
في بواكير الصبا رعيت الغنم، وكنت أشعر بالانس والكثير من البهجة.
وفي ذاكرتي مشاهد لا تمحوها الايام عن الطفل الذي كنته، راعيا مع جدي، أو وحيدا، اقرا في الغيم احلامي ومستقبل أيامي.
ثم صحبت الكتب زمنا، ورافقتني اعواما. وكنت بها شغوفا، وعليها عطوفا. فبادلتني الشغف بالشغف، والعطف بالعطف.
اليوم وبعد رحله طويله في العلم والفكر والأدب، وفي ارض الله الواسعه، اجد سكينه كتلك التي وجدتها في طفولتي، وأُنسا كذلك الذي شعرت به في صباي، وانا ارعى الاغنام كلما وجدت فرصه لذلك.
وتزداد سعادتي بصحبه صديقي القديم “الكتاب”.
ورغم وعيي الشديد بثقل ما تخفيه لي الايام، واني ربما لن اجد الوقت لمثل هذه الفسحه، حين يكون لي ما لي، وعلي ما علي، خدمه للحق باعظم مما املك حاليا، فإني اجد في قلبي زهدا كبيرا في دنيا البشر التي يتنافسونها تنافس الوحوش، ويلهثون خلفها كجري السباع.
ولو كان الامر بيدي لاخترت رعي الاغنام، حتى القى الله، فهي خير من كثير من البشر، وافضل من زخرف الفانيه، ومن الحكم والسلطان وفتنه المال والجاه، ونسيان اللقاء، والظن ان الدنيا باقيه، وان ما فيها دائم، وأن العبد لن يلقى ربه، ولن يغادر دنياه، الى حيث سعادة الخلود، او شقاء الابد.
“كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وما من نبي الا ورعى الغنم، وقد رعيتها على قراريط في شعاب مكه”.
هكذا قال المصطفى صلى الله عليه وعلى اله.
واني لأجد في رعي الغنم حكمه عظيمه، واراها امانه عسيرة، فكيف بما فوق ذلك.
اللهم وفق عبدك لما ترضاه، واحفظه حتى يلقاك وتلقاه، واعنه على ما تعلم، وعلمه ما لا يعلم.
*مازن_الشريف_خواطر_ومراسلات*