ضحضاح مشناه يوساع

إلى روح الشاعر الكبير احمد البرغوثي

من الأغراض الجميلة والأصيلة في الشعر التونسي الملحون غرض “الضحضاح”، وهو وصف الصحراء وأهوالها، وما كابده العاشق للوصول إلى معشوقته، ويكون معه عادة وصف الإبل والخيل أو غرض “الكوت”، وكذلك شيء من الغزل ووصف الحبيبة.
وهو ترجمة حرفية لغرض “الرحلة” في الشعر الجاهلي.
كما أن كلمة ضحضاح كلمة فصيحة من معانيها الماء القليل، وقطيع الابل، وكذلك الارض قليلة الماء…. وقد وردت في الشعر الجاهلي….
ثم صار اللفظ يعني الصحراء الواسعة المقفرة، وصار غرضا في الشعر التونسي الملحون.
ومن أشهر ما كتب في غرض الضحضاح ما كتبه الشاعر الكبير المرحوم احمد البرغوثي: ضحضاح ما يقطعه من توانى، وكذلك: ضحضاح مشناه يزراق..
وقد رد عليه المرحوم احمد الطويل بقصيدة مطلعها: ضحضاح مشناه يبسال.
وهذا قصيد معارضة للقصيدين بعنوان: ضحضاح مشناه يوساع.

ضحضاح مشناه يوساع
أهوال ولفاع
وسراب مالجو للقاع
وجوب تفجع طويلة

رقراق من يدخله ضاع
فيه ذيب وسباع
والبوم مهموم شرقاع
غراد يطوال ليله

والضبع جيعان طماع
ما تشبعه قصاع
قرفاص ما يفلت كراع
ختال ليه ألف حيلة

عفاريت والجن تبّاع
والغول فجّاع
بين المهاميد قطاع
من جاه يقطع سبيله

ورمال ما يينها نزاع
والريح فزاع
كثبان وجبال وبقاع
ما ثم فيها نزيلة

فجوج موحشة وبر خلاع
والغيم خداع
لا نبت لا بير نباع
لا عين ما هي بخيلة

لا يقطعه كوت مطواع
في الجري مسراع
أبرق كما الليل فزاع
ركاض قدام خيله

لا ضرب عالارض زعزاع
في يوم لنزاع
مولاه ضرغام صرّاع
صنديد سيد القبيلة

ولا يقطعه ثلب قعقاع
ما هوش وقاع
يصبر على ثقل الاوجاع
يحمل يطيق الثقيلة

جمل شالخ الناب قرقاع
في الضيق منّاع
تكتوك في الجوب تباع
رزام عقب الكحيلة

ويا ليعتي الوحش وجاع
والحب لياع
والهدب بكاي دماع
من بعد ولفي الجميلة

نلحق على غيم شياع
ونفوت الاوساع
ونردها بعد الانزاع
ويضم قلبي خليله

عيون سود والهدب ينطاع
والناب لماع
والقد شراي بياع
بابور ناوي رحيله

وغثيث وزنود وذراع
وكفوف وصباع
والجيد بلار صناع
بان زان سلسة طويلة

والخد تفاح نفاع
وجبين رفاع
وزين ضحكته فوذن سماع
عشاق ضايع دليله

وفي وصفها يفيض الابداع
والحرف منطاع
مرصوف في ثلاث ورباع
ينهال في بحر هيلة

شريف يرتب الشعر باطباع
وفاي للصاع
ليه موهبة ومقدرة وباع
معروف ما بين جيله

واسمه على جمعهم ذاع
كالمزن فياع
قداد في اللفظ طباع
ما ثم شاعر مثيله

سوسة
الثلاثاء 30 افريل 2024 00:45