2 دقائق للقراءة
ناح الحمام فمال الغصن والبانُ
وبان منهم جميل العهد إذ بانوا (1)
نادوا وقد حضروا والموت دونهمو
أحياء تنظهرهم بالكشف إذ بانوا
ألحانهم عُزفت في الروح مذ زمن
يا طيب عهد له في القلب ألحانُ
ما ودعوك ولكن في مواعظهم
مستودع الحق لا زور وبهتانُ
قد حدثوك وبت الليل تسمعهم
الروح معدنهم والأصل إنسانُ
وكلامهم درر إن كنت تفهمهم
برهانهم مدد يحويه برهانُ
والحرف لا لغة تطويه في نسق
كل اللغات لهم والقول سلطانُ
فهم الملوك إذا دققت في نظر
وهم العباد فلا إنس ولا جانُ
صاروا وقد عبروا تلك البرازخ في
شأن من الله لا تحويه أكوانُ
فوق العوالم في أفق الجلال فما
غير الجمال رأوا وبنوره ازدانوا
قالوا لمنخدع في زيف فانية
يجري بها كبَدًا والقلب ظمآنُ
يا فاعل الشر احذر من عواقبه
إن الفِعال لها في الحشر ميزانُ
يا زارع السوء حتما سوف تحصده
إن عُجّل الأمر أو أُمهلت سيّانُ
يا غارس الحقد بئس الغرس من شجر
ما أثمر الحقد إلا فيه شيطانُ
يا خادم النفس كيف الخصمُ تخدمه
مهلا رويدك كيد النفس فتّانُ
والوهمُ يخدع ذا الأهواء يسحره
للحق لون وللأوهام ألوانُ
والوقت يسرق زهر العمر يسلبه
والمرء يغفل والإنسان نسيانُ
فاغنم حياتك قبل الفوت في عمل
يبقى مدى الدهر لا تطويه أزمانُ
واسلك إلى الله دربا فاز سالكه
نعم الصراط بفعل الخير يزدانُ
للصالحات رجال كلما ذكروا
رب السماء فدمع العين طوفانُ
السائحون بأرض الله وافتكروا
السابحون فهم بحر وشطآنُ
الساجدون بجوف الليل وابتهلوا
الراكعون لمن للخلق ديّانُ
العابدون عن التسبيح ما غفلوا
الذاكرون فهم للذكر فرقانُ
الخاشعون بمحض الوجد قد سكنوا
الخاضعون لمن لولاه ما كانوا
الرافعون أكف السُّؤل ما امتُحنوا
الصّادعون بقول الحق ما خانوا
الصابرون على البأساء ما وهنوا
الصادقون فهم للحق عنوانُ
القانتون كأن الطير فوقهمُوا
القانعون فهم في الزهد رهبانُ
الرّاحمون لخلق الله ما ظلموا
الصالحون لهم في الغيب ديوانُ
الموقنون يقينا لا مراء به
العارفون فكل القلب عرفانُ
الغارفون بيمّ من عجائبه
كم ينهلون فقل للخضر ما الشَّانُ
الباذلون بدهر في نوائبه
لا يبخلون فَهم للجود فرسانُ
من عندهم أبدا إن تلقهم سندا
طاب المقام فلا خوفٌ وحرمانُ
خذ منهمُ مددا تُنصر بهم أبدا
وابسط يديك فذا روض وريحانُ
لله غايتهم بالله رايتهم
حقّت وَلايَتهم ما شابها الرَّانُ (2)
قد حقق الله في الأكوان آيتهم
فاقرأ بقلبك ما يتلوه قرآنُ (3)
إن أفردوك مكانا في أحبتهم
فهو الفلاحُ وما يتلوه رضوانُ
لا أعدم الله قلبا من محبتهم
من يُحرم الحبَّ لن يجديهِ تبيانُ
سوسة 05/01/2018 – 13:13
(1) بانوا هنا بمعنى نأوا وارتحلوا، وفي البيت الموالي بمعنى ظهروا. وفي العربية كلمات تعني المعنى وضدّه.
(2)الرَّانُ : الدَّنَسُ، الغِطاءُ والحِجابُ الكثيفُ، الصدأُ يعلُو الشيءَ الجَلِيّ كالسيف والمرآة ونحوهما.
(3)يتلوه: من تلا يتلو تلاوة: رتّل القرآن، قرأه بصوت عال وجميل. وفي البيت الموالي: يتلوه من تلى تليا أو تلا تلاوة: تبع: تلى الرجل أو تلا الرجل تبعه. أي ما بعد الفلاح رضوان من الله ورضوان خازن الجنة.