3 دقائق للقراءة
#هدية
#مشهد_من_مشاهد #رواية_ولي_الله
#العاشق
قال عقله: ابنة سلطان مع ابن مزارع، النتيجة المنطقية الوحيدة: زوجة أمير آخر، وشاب معلق على سور المدينة.
قال القلب: وما أدراك أنت بالعشق والعشاق.
أنت تفهم في الحجارة، في الخضر، في الأمور اليومية التافهة. أما العشق فأمر غريب عنك.
العشق سر الحياة، وكل شيء ممكن في العشق.
رد العقل: ممكن أن يصحو ويجد نفسه سلطانا.
أجاب القلب: نعم، في قصص القلوب والعشاق ما هو أغرب.
أما قلبها وعقلها فقد ضم كل واحد منهما رأسه بين قدميه، محاكيا لها في ليلتها الدامعة تلك.
بعد ثلاثة أيام كان موعدهما، في المكان المتفق عليه، وصلت قبله ولم تجده.
هنا كانت تلتقيه لأكثر من ثلاثة أشهر.
قفز من فوق الشجرة، وارتعبت، أنت هنا.
أجل، منذ الفجر.
سموك أنا…
لا تقل سموك.
ماذا أقول إذا.
حبيبتي..فأنا أنا.. خادمة حبك، أسيرة عينيك.
ولكن…
ليس هنالك في العشق لكن.
ضحك عقله، فأراد أن يضرب رأسه على جذع الشجرة ليسكته.
حرك قلبه يده في صدره ليربت على كتفه.
اطمأن لقلبه أكثر، وأراد أن يخرس صوت عقله.
لكن نفسه لم تترك التوجس لحظة، رغم أنها اكتفت بمشاهدة الصراع بين قلبه وعقله دون أن تتدخل.
وفجأة أحاط به الحرس.
في قصر السلطان أظهر هدوء غريبا، وشجاعة مذهلة، حتى وهو يرى السلطان يمسك بالسيف ليضرب عنقه وهو يصرخ: ابنة سلطان مع ابن مزارع، هذا تجديف وكفر، عبث في عبث.
لمع نور من قلبه وظهر على عينيه، رأى الانبهار وشيئا شبيها بالرعب في عيني السلطان.
وكاد يجزم أنه رأى نفس الرجل الذي تراءى له في الخصومة مع الفتية في السوق، ومرات أخرى قبل وبعد ذلك، يقف خلف عرش السلطان بهيئة مهيبة.
سمع صوتها وهي تصرخ ثم ترتمي عليه: اقتلني أنا.
تراجع السلطان، خرجت الملكة وكان يبدو عليها البكاء، ونظرت إلي السلطان بعتب وإليه بشفقة.
قال الوزير: سيدي، دع الأمر لي.
لا أريده على وجه الحياة، ضعوه في كيس وألقوا به في البحر، وأخرجوا ابنتي والملكة من هنا.
قال الوزير: القتل إثم كبير يا مولاي.
ولكن فليرحل، السفينة الكبيرة في موانئنا منذ يومين، لنرمه فيها ونحكم عليه بالنفي الدائم.
فليكن، قال السلطان وهو يضع يديه على رأسه ويجلس مرهقا.
نهض العاشق ونظر إليه وإلى الحرس والوزير، رآها تطل من خلف ستارة مع خادمتها وأمها.
نظر إلى السلاسل الغليظة على جسده.
ثم حدق في عيني الرجل الغامض الواقف خلف عرش الحكم دون أن يراه أحد.
اهتز قلبه، وسكر عقله، وتنورت نفسه، وتحررت روحه، وانتفض جسده.
وأمام الأعين المتسعة تفككت السلاسل، وذاب بعضها كما لو أن نارا قوية صهرته.
خرج واثقا، موقنا أنه سيرجع، وأنه سيجلس على ذلك العرش.
في السفينة، وحين صحا عقله، كذب وشكك، وادعى أن خوف الموت حرر تلك القوة.
ولكن القلب لم يجبه، كان متبسما.
حتى حين غرقت السفينة، وفزع العقل وكاد يجن، استمر القلب في الابتسام، إلى أن ظهر الرجل الواقف فوق الماء، وسرعان ما عرفه، إنه الرجل الغامض الذي تراءى له قبل ذلك.
ثم أغمي عليه، واستيقظ ناسيا كل شيء، لبعض الوقت، ثم تذكّر، وتعلّم، وتدرب، واستعد، وودع صديقه الشاعر، بعد أن أتم معه الاتفاق بإشراف سيدهما الولي، وقفز بالخطوة في دائرة الضوء، ليضمها في تلك الغرفة، بين الطير والفراش، ولتختفي الأطياف التي زرعها المعلم في غرفتها وهو يختمها بختمة الهتون.
حين جلس على عرش الحكم وأصبح سلطانا، وانحنى الجميع له، حتى السلطان الأب، ووزيره…
وحين أمسك يدها وأجلسها بجواره، وهو يمتلك من القوة والجاه والذهب ما يفوق ملك السلطان…
وأبوه المزارع واقف خلفه بفخر..
نظر عقله إلى قلبه مشاغبا له..
صمت العقل وأذعن قائلا: “إن للقلوب سرا، لا تدركه العقول”.
#روايات_خضرية
#المنارة_تميز_وجدارة