< 1 دقيقة للقراءة
كان الليل مظلما، وكان المطر ينهمر غزيرا ويدق بأنامله الرقيقة على نافذة الفيلا الفاخرة.
نظر إلى ساعة يده الفاخرة المرصعة بالماس، شعر بثقل الوقت.
كان جسده مترهلا، وكان كل شيء من حوله برّاقا ثمينا.
تمنى لو يتمكن من النوم هذه الليلة دون حبوب الدواء التي يبتلعها بلا فائدة.
فجأة سمع طرقا خفيفا على الباب.
قفز من مكانه، فقد بات يتوجس من كل شيء.
زوجته الجميلة نائمة، وسيارته الفارهة لا يمكنها طرق الأبواب.
هل جاء ملك الموت ليخلصه من جحيم الرتابة وموت المشاعر وتكلّس الإحساس.
مضى مترنحا من فرط ما دخّن وشرب.
فتح الباب ونظر، فإذا طفل رث الثياب في عينيه نظرة حزينة لم يميّز إن كان ما على خدّيه أثر دمع أم مطر.
من أنت؟
سأله بجزع.
أشار الطفل بأصابعه إليه: أنت.
شهق وتراجع للخلف حتى وقع. ونظر بعينين جاحظتين.
إنه هو فعلا، ولكن منذ أربعين عاما.
لاح خلف الطفل الحزين كوخ الطين الذين كان يسكنه، وبدت له أمه تنفخ في التنور لتطبخ لهم بعض الطعام.
أمسكه الطفل من يده وألقاه، فرأى نسخا كثيرة لنفسه.
طفلا يلهو مع شقيقه في ملابس بالية ويضحكان بسعادة غامرة. شابا يعمل في زراعة الأرض بكد، يمسح العرق على جبينه ويضحك بسعادة.
كيف فارقته السعادة رغم أنه أصبح يمتلك أموالا طائلة، وكل شيء يجعل الإنسان سعيدا.
همس له الطفل في أذنه: لأنك نسيت نفسك، وأضعت من أنت.
استيقظ من حلمه فزعا، لقد كان حقيقيا لدرجة مذهلة.
وقف ونظر إلى وجهه في المرآة: أنا أتذكر الآن، أنا أتذكر الآن.
التفت إلى يمينه، كان طفل يشبهه يمسح الدموع عن خديه، ويبتسم .
*#مازن_الشريف_كتاب_فن_السعادة