2 دقائق للقراءة
# *مولوية*
ليست السعادة أن يلهث المرء خلف الدنيا، بل السعادة أن تلهث الدنيا خلفك وأنت تسرع في طريقك نحو الله.
ولا يعني ذلك السلبية وترك الحياة، بل الإتقان في كل شيء واجب، والكد في العمل ضروري.
إنما يكون كل ذلك بالله ولله.
وسوف يجد السالك في سبيل الحق عقبات كثيرة، فإن صدق العزم وتوكل على مولاه، حطم طوفان روحه كل سد، وأزال عزم قلبه كل عائق.
فإن أخلص النية، ربح القضية.
وإن أمسك بيده تلك الجمرة المقدسة، أشع نورها عليه، وصار احتراقه ينعا، واشتعاله اخضرارا، وأثمرت أشجار روحه من كل جميل بهيج، ووجد السبيل في الأمر المريج.
ولقد عاينت ذلك تحققا ولامسته تحقيقا.
وطويت شرق الأرض وغربها أنثر عبق العلم وعطر المحبة وشذى الصالحين.
وها أنا بعد تلك الرحلة الطويلة، والمسيرة المضنية، والتغريبة الشاقة، أجد جنى ما غرست وحصاد ما زرعت: آلاف المحبين والتلاميذ المخلصين في كل ركن من أركان المعمورة، وصولة وجولة من الكبار في كل موضع وموقع ومسؤولية، وصيت ذائع، وخبر شائع، وإبداع مبهر رائع.
إنه ما أعاينه الآن في أرض كانت هامدة، جامدة، فعانقها سري، وسرى فيها أمري، فأينعت، واخضرت، واهتزت وربت، وأنبتت من كل زوج بهيج.
ألا يحق لي أن أكون في حال مولانا الرومي وشيخه التبريزي في ذلك الفناء المولوي المنساب حركة وموسيقى.
هذه الأرض شاهدة لي بصدق ما ذكرت، وما فيها من نبات يانع مبتسم يشهد، وكل تلامذتي ومريديّ وأحبتي ومن عرفت من الصالحين والعلماء والقادة، وما كتبت ودونت ونشرت وحاضرت، كل ذلك شاهد.
وإن لي في قادم الأيام لشواهد ومشاهد.
لأهين الدنيا في عين من عشقها، وأحليها في عين كل زاهد.
*وسنستمر* .