2 دقائق للقراءة
لبهية في فجر روحي…. ولأحبتي في أرض مصر
(كتبت هذه القصيدة في القاهرة بدايات إقامتي بمصر، بتاريخ 06/02/2007، حينها كنت أمشي مع صديق لي على مقربة من النيل، وشعرت بحزن عميق، كأنّ روح مصر كانت تهمس في أذني، حزن قديم قِدَم التاريخ يأتي مع آلام كل “الغلابة” وأحلامهم، ثم تجلّى في قلبي صوت آخر يخاطب مصر بعشق عجيب، بدا كطيف رجل صعيدي، بملامحه ولباسه ونظرته الثاقبة، وكان من خطر ببالي وليّان من أهل الله في صعيد مصر: الشيخ القناوي أسد الصعيد والشيخ الدردير….من قِنا ومن سوهاج يأتي الصوت مناجيا مصر….”انت حزينة ليه”، ولعل تلِكْ الأحزان لم تتعلق فقط بالماضي أو الحاضر، بل كانت لها أنامل تلامس المستقبل وتستشعر ما فيه، بل لعلّها لم تكن عن مصر فقط، بل عن أمة تنتظرها بعد سنين قليلة مآس لم تشهد لها مثيلا في تاريخها كلها.
فهي ليست مجرد قصيدة، هي مناجاة أرواح عاشقة لمصر، لروحها وجمالها، وحزن عينيها.
بعد أيام من كتابة القصيدة كان لي موعد مع الأبنودي، الشاعر العملاق والصعيدي الذي ترتسم في عينيه أحزان الدهور، التقاني مبستما هادئا في منزله، قرأت له القصيدة ونظرت إلى بريق عينيه ودمعة تبحث عن طريقها، وحدّثني عن مصر وأهلها الطيبين، عن الصعيد ولهجته المميزة ونصحني بالاستماع إلى تسجيلات قصائده، عن الشعر ورحلته معه، وتكلمنا عن بني هلال بين السيرة الصعيدية التي ألف فيها، والسيرة التونسية التي كنت أحفظ معظمها.
أما عم نجم، فقط هتف بعد ان سمع القصيدة: إيه دا يا مازن…دي من أحلى القصائد الي كتبت في مصر والله…انت كتبتها ازّاي”، وما زال صوته وهو يهتزّ عشقا ووجعا من أثر كلماتي يرنّ في أذن روحي، وكانت لنا مواعيد في دمشق عند صديقي وصديقه الشاعر الدكتور عماد الدين طه، ثم يوم احتضنته في تونس حين استضافه اتحاد الشغل ووقفت بينه وبين الشاعر التونسي الراحل الصغير أولاد أحمد وهما يتسامقان شعرا.
قصيدتي صعيدية، فيها بث الأرواح الهائمة بحب البهيّة، مصريّة عاشقة، تسري مع النيل وتمشي مع قوافل العشاق وتسرح في ربوع مصر وتحمل أصوات الغلابة وأنغام عمالقة الفن وعمالقة العشق…..أرجو أن تلمس قلوبكم.
مَالِكْ يا مَصْر حزينَة لِيَهْ
لِيهْ دمعتك عالخدِّ سايلِةْ
وإيهْ اللِّي تبكي عَلِيَهْ
وحِمْل إيهْ عالِكْتفْ شايلِةْ
مَالِكْ يا مَصْر حبيبتي مَالِكْ
إيهْ جَرالِكْ
مِنْ سنين محيَّرانِي
يا غرامِ الأسْمرانِي
الشُّوقْ يَا وِلْداهْ هدِّ جِسمِكْ
والآهْ صداهَا فْهَمْس اِسمِكْ
والرَّبِّ قَلبكْ مبتَليهْ
وإنْتِ مثلِ الغُصْنِ مايلِةْ
مَالِكْ يا مَصْر حزينَة لِيَهْ
لِيهْ دمْعِتكْ عالخدِّ سايلِةْ
مَالِكْ حزينَةْ فقلْبِ ليلِكْ
والشُّوق سفينة فْدمْعِ نيلِكْ
وإنْتِ بهيَّة مِنْ زمَانْ
أصْلِ الحضَارةْ والبُطولَةْ
وإنْتِ أميرةْ بصولجَانْ
الحُبِّ والدِّينْ والرُّجولَةْ
لسَّاكْ صبِيَّةْ يا بَهِيَّةْ
رَغْم خَطِّ الشِّيبْ في شَعْرِكْ
ولسَّهْ الـمَشاعرْ هِيَّ هِيَّ
غَناوِي شَاعرْ عِشْقِ شِعْرِكْ
والحِكَاياتِ القَديـمَةْ فْقَلْبِي حِلْوةْ
والهِلاَليِ
والأميرَةْ اللِّي فْخَياليِ
وكُلِّ كِلْمَةْ مِنْ كِتابِكْ
كُلِّ ذَرَّةْ في تُرابِكْ
بالحَكاوِي مْتوَّهَانيِ
الشُّوقْ رِهَانِي
والحِكَاياتِ القَديـمَةْ فْقَلْبِي حِلْوةْ
نَـبُّوتْ غَفيرْ وقَصْر حلْوى
الشُّوقْ يا أجْمِلْ مِنْ عِينَيَّ
نهْرِ دَمعْ ودهْرِ بلْوَى
والجَلالْ اللِّي فْجمَالِكْ
يا حَبِيبةْ كُلِّ مِنْ حَبِّ الحضَارةْ
يا بهِيَّةْ في عُيونْ الدُّنـْيا مَالِكْ
دَاوِي قلبي ودلِّليهْ
تِعبتْ مِنْ طُولْ الـمِحَايـْلِةْ
مَالِكْ يا مَصْر حزينَة لِيَهْ
لِيهْ دمْعتِكْ عالخدِّ سايلِةْ
وإيهْ فِضلْ نِبْكِي عَلِيَهْ
وحِمْل إيهْ عالِكْتفْ شايلِةْ
القاهرة
06/02/2007 02:11:43 ص