2 دقائق للقراءة
أحييكم من جدة، عروس البحر الأحمر.
بعد أيام قضيناها في القاهرة العامرة بالطيبين، وبأرواح الصالحين.
اليوم نمضي إلى مكة، نلتمس من خليل الله أثرا، ونطوف بالبيت العتيق، ونسعى بين الصفا والمروى لعل النفس تصفو والقلب يرتوي، لنلامس من سر هاجر وابنها، ومن سر الحفيد الذي انتظرته بكة زمنا، حتى ولد الهدى.
وفي مكة نلتقي الروح الأعظم، لنزوره بعد ذلك حيث جسده الأطهر، وبين مكته ومدينته لكل خير مجال ولكل شيء جمال، في رحاب رسول الله وآبائه وأبنائه وآله وأصحابه.
بيد أني في الوصل طامع، وللخير طالب، وللعطاء سائل، وللمدد فقير يمد كف الضراعة، ويرجو منح الشفاعة.
هنا في أرض آبائي، البلاد المباركة بسر الله وبيته الحرام، ومن طاف به من نبي وولي من لدن آدم وقبله إلى يوم الناس هذا، أجد لروحي سكينة، ولقلبي طمأنينة، فأنا بين أهلي وسادتي، وأئمتي وقادتي.
وهنا للعز وجوه، وللغنى مشاهد، وللمجد شواهد.
كم تلتقي الروح ها هنا من فارس مليح، وشاعر فصيح، تكاد تضم عنترة والمهلهل، والغطاريف الأوائل، وتكاد تهيم مع ابن العامرية، إلى حي العشاق، ومرابع المشتاق.
وكم يسعدني أن أكون حيث كان رسول الله، وكم يبهجني أن أرى الخيرات في ارض الخيرات، فأسأل الله لبلاد الحرمين الحفظ والعناية، وتمام المقصد والغاية.
وهذا مشهد من مشاهد الفرح بفضل الله ورحمته، ومجلى من مجالي الزهد الذي يقر في القلب، فلا يضيره أن تحل الدنيا في اليد، أو أن يكون للعبد فيها من اليسر يوم، كما كانت له من العسر أيام.
فالحمد لله على نعم الله، وزينة الله، وفضل الله، ورحمة الله.
﴿قُلۡ مَنۡ حَرَّمَ زِینَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِیۤ أَخۡرَجَ لِعِبَادِهِۦ وَٱلطَّیِّبَـٰتِ مِنَ ٱلرِّزۡقِۚ قُلۡ هِیَ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا خَالِصَةࣰ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۗ كَذَ ٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لِقَوۡمࣲ یَعۡلَمُونَ﴾ [الأعراف ٣٢]