عيد ميلادي

< 1 دقيقة للقراءة

يأتي عيد ميلادي السادس والأربعون، وأنا غارق في بحار النور المحمدي، وفي حب آل بيت النبي، الذين تنعمت روحي بزيارة بعض أعلامهم في القاهرة.
يأتي، وأنا مع العلماء والمشايخ والأدباء في أرض الكنانة.
ورغم وجع البعد عن أهلي وأطفالي ووطني تونس الحبيبة، فإني محاط هنا بالمحبين، من تلامذتي وأصدقائي، وأحبتي الذين ألتقي بعضهم بعد غياب عشرين عام تقريبا.

من مصر، وغير بعيد عن نهر النيل، وفي هدأة الليل، أكتب إلي هذه الكلمات، إلى طفل كنته، وما خنته، إلى صبي عرفته، وشاب صحبته، وكهل أتعرف عليه.
للطفل الذي ضربته الأيام، بين سقم وصحة، فقر وغنى، برد ودفء.
له ولمن كانوا منه في صقل الأيام وتطاول الأعوام حتى كنت أنا في لحظتي هذه، أهدي حنان الروح ومحبة القلب واحترام النفس وحيرة العقل.
كيف تحمل ذلك الطفل كل ذلك الحمل، كل ذلك الوجع، كل ذلك المرض.
وكيف تحمل الشاب كل ذلك الوجع، كل ذلك العشق، كل ذلك القهر، كل ذلك الحرمان.
وكيف تحمل من تطور عنه كل هذه المعرفة، وكل هؤلاء الأعداء والحسدة، وكل هذه الأحوال.
لا أعرف إجابة لأي من هذه الأسئلة، لكني أعرف أمرا واحدا: أن الله إذا أعطى أدهش، وإذا اجبتى أعان، وإذا نصر مكّن، وإذا أحب جعل ذلك الحب في قلوب المحبين، فيحبون المحبوب بحب ربه.
والباقي كله لا يهم.
أدام الله علينا وعليكم نعمة البصيرة، وأنس القرب، وعين العناية.
وشكرا من القلب لكل من هنأني بيوم كان نهاية حياة روح، وبداية حياة جسد يجددها فيه، لأمر أراده صاحب الأمر، نمكث فيه إلى حين، ونعبد ربنا حتى يأتينا اليقين.