2 دقائق للقراءة
الحمد لله الذي هدى وزكّى، والصلاة والسلام على إمام كل من تزكّى، قمر المدينة وشمس مكّة، والسر الموصول بين العرش والقبة الخضراء والبيت المعمور ببكّة.
نحمده سبحانه على ما أولى من عناية، وما علّم من آية، ورفع من راية لأهل الله بالله وفي الله.
تنبع فكرة هذه الكتاب من ضرورة التنسيق العلمي بين العارفين بالتصوف مشايخا وكتّابا وباحثين، وأخص التصوف في المغرب العربي وأفريقيا عامة، فإن المعلوم أن بلاد المغرب العربي هي حاضنة التصوف الكبرى وبلاد الأولياء والصالحين، كما كان المشرق موطن الأنبياء والمرسلين، وأكثر أهل الله وأولياؤه في المشرق أصولهم مغاربية كالإمام الشاذلي والسيد البدوي. أما أفريقيا فقد كانت امتدادا لتلك المدرسة الكبيرة، حيث نشأت الطرق وظهر الصالحون القادمون منهم من بلاد المغرب الكبير أو أبناء تلك الأرض الشاسعة الطيبة.
ولكن الباحث والسائل يحتاج لكتاب يبين له حقيقة التصوف تأصيلا ومنطقا ومنهجا، خاصة في فترة الالتباس هذه وما رافقها من حرب على التصوف وأهله في أفريقيا كلها كما حدث في ليبيا وفي مالي ومدينة تمبكتو وغيرها، كما أن التعريف بالطرق والمدارس الصوفية في عموم أفريقيا أمر مهم وقيّم، يثري المعرفة وييسر التنسيق بين أبناء الطرق انفسهم، إذ فرض الواقع اليوم على كل الطرق الصوفية تحديات جديدة وغير مسبوقة في صعوبتها ودقتها مما يستوجب التعارف والتعاون وتوحيد الجهود.
هذا الكتاب إذا جهد جماعي سيكون له ما بعده، من مجلات ونشريات وكتب، وهو دعوة لأصحاب القلم من أهل التصوف والمهتمين بهن وأصحاب العلم والمعرفة، للتصنيف والتأليف والإفادة، بأسلوب مبسّط ميسّر يجد سبيله يسيرا إلى عقول الشباب خاصة وقلوبهم، لأنهم المستهدفون بآفات التطرف على اختلافها، وأفضل ترياق هو تصوف التزكية والتربية الروحية والأخلاق والإحسان. كما أن ثراء المدارس والطرق الصوفية في المغرب العربي وأفريقيا وإثراءها لدولها ومجتمعاتها ثقافيا وأدبيا ودينيا وحضاريا، ودور المشايخ وأهل الله في الدعوة إلى الله وفي المقاومة وتحرير الأوطان، ودور زواياهم في الحفاظ على الإسلام ونشره والحفاظ على اللغة العربية، أمور يجب ان تصل لا إلى أبناء المكان والمنهج فقط، بل للجميع، حتى يكون الحكم على بينة، وحتى يطلع القراء والباحثون على حقائق كانت مغيبة عنهم، ولذلك سنحرص على ترجمة هذا الكتاب والكتب الذي تليه ليصل إلى العالم كله. والله الموفق والمعين.