2 دقائق للقراءة
يعتبر التمشي العقائدي أخطر التمشيات على الإطلاق – مما يفرض عملا عميقا في جانب الأمن العقائدي وتأمين العقيدة من الانحرافات الخطيرة ومن كل فكر تفكيري. وخطورة التمشي العقائدي ينبع من كونه يصبغ الفكرة الإرهابية بصبغة القداسة، ويتوغل عميقا في الروح والوجدان، ويلعب على أوتار النفس بإلهاب المشاعر الدينية وتحريك الحنين للماضي العظيم وزرع كراهية الحاضر العقيم، بحيث يباح من أجل ذلك أن يتم نسف الواقع من عقل الضحية ومن نفسه ثم نسفه فعليا بالتفجير والتدمير لأنه حاضر فاسد في مجتمع فاسق لعالم كافر كله وعلاجه النار والدمار. ويمكن تعميق التمشي بالخطب والدروس والتسجيلات الصوتية والكتب التي تنبني على تمش دقيق في البرمجة العصبية اللغوية ونظم برمجية أخرى وعلى الإيحاء والتنويم الجزئي والكلي. وحين تفتح المساجد والمنابر والإعلام على الفكر التكفيري الذي يمطر سما ويقصف كل ذرة في العقل والوجدان والنفس، فإن ذلك ييسر توغل الوباء الإرهابي. ولست في اعتقادي مجانبا للصواب حين أعلن أن الوهابية بما تمثله من تكفير وماض دموي ومعتقد فاسد هي أكبر منبع للإرهاب وأكبر خطر على العقيدة الصحيحة بزرعها العقائد الفاسدة، ولا يمكن أن يوجد إرهابي واحد في العالم الإسلامي ممن قاموا بعمليات فردية أو في تنظيمات إلا ويكون وهابيا ويتم العثور في المغارات والأماكن التي تتواجد فيها المجموعات الإرهابية على كتب وهابية تكفيرية. وربما يصح أن أقول ضمن الكلام عن العالم الإسلامي وعن كل من يقوم بعمليات إرهابية باسم نصرة الإسلام في العالم كله، أن كل إرهابي هو وهابي، ولكن ليس كل وهابي بالضرورة إرهابي لأن هنالك عددا كبيرا من المعتقدين في الوهابية لم ينتقلوا إلى المرحلة التفجيرية وظلوا في التنظير أو التكفير وهؤلاء وجب على كل دولة أن تؤطرهم وأن تسعى للحوار معهم قبل تحوّلهم إلى أمر لا يمكن الرجوع عنه أو إصلاحه داخلهم وداخل مجتمعاتهم. خلاصة الكلام أنه من خلال العمل على الفكر والعقل والذهن والنفس والعقيدة والمجتمع ومن خلال توفير دعم مادي كبير جدا وأنواع أخرى من فنون الغواية عبر الجنس والزواج العرفي وعبر جهاد النكاح وعبر إعطاء الشخص مكانة لم يكن يتصورها وعبر التمرير والتبرير وفق القداسة الملفقة، كل هذا يمثل آلية للعقل المدمر يبرمج من خلالها العقل المدمر على تنفيذ خطته حتى إذا حانت لحظة الصفر كانت الضربة التي من المحال بعدها إصلاح الأمر وينتهي ذلك الشاب الذي ربما كان مبدعا ومتميزا في دراسته ومتفانيا وحنونا على أبويه إلى أشلاء ممزقة.