< 1 دقيقة للقراءة
البعد الاجتماعي ينطلق من مدى التفكك المجتمعي، ومن مستوى الوعي في المجتمع، ومن حالات الاتزان أو فقدان الاتزان، والمعطى الأخلاقي القيمي ومدى حضوره، وكذلك المنظومة العلائقية.
كل ما يشمل علم الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي وعلم الاخلاق منضو ضمن البعد الاجتماعي: حين يكون المجتمع متماسكا متراحما فيه أخلاق راقية وقيم نبيلة متزنا مثقفا يتفاعل أفراده إيجابيا في كنف الاحترام والتعايش السلمي وتربط بينهم علاقات مودة فكيف يمكن لفيروس الإرهاب أن ينتشر إلا في حالات نادرة.
حين يكون المجتمع مفككا وتكون حالات الانتحار كبيرة تصل حتى الأطفال مع جرائم يشيب لهولها الولدان. مجتمع بلا وعي حقيقي ولا قيم فاعلة ولا أخلاق جامعة (إلا من رحم ربي ويكون حينها شخصا أبلها في عيون الكثيرين)، وتكون فيه نوازع التكفير ونبذ التعايش ورفض الاختلاف وقتل الثقافة واليأس والفوضى والتلوث البيئي وانتشار المزابل وعدم احترام القانون وضعف العقد الاجتماعي، مع لهفة على الدنيا وجوع للمال وعطش للتسلّط وتحول اللصوص الكبار والحقراء إلى نماذج يتمنى اليافعون والكبار التحول مثلهم وبلوغ ما بلغوه والأكل في موائد كموائدهم، في حين يكون الوطنيون والطيبون سذجا في الذهنية العامة. وتطغى الجريمة وتعربد فلول الفوضويين وتتوغل الشبكات التي تقوّض المجتمع وتغسل أدمغة الشباب وتلقيهم في جحيم الإدمان أو محارق النزاعات في أصقاع الأرض. وعندما تضيف إلى ذلك دولة غائبة ومؤسسات مدمرة وتعليم مريض وحاكم عميل، فإنك تخلق أفضل حاضنة للإرهاب، وتفتح له المجال، في نسيج اجتماعي ممزّق وبينة اجتماعية مهشّمة مفكّكة تنصهر مع نسيج الدولة نفسها وما يحصل فيها من اختراق وعمى استراتيجي. وهذا يصور حالة تونس في سنوات عجاف بدأت بعد حلم ثورة وربيع عربي تحول إلى ربيع عبري.