2 دقائق للقراءة
ليس العقل الإرهابي عقلا معزولا، بل هو في منظومة محدّدة، وهو في هذا لا يختلف عن العقل عامة فلكل عقل منظومة يندرج فيها، لكن ما يميّزه انغلاق منظومته ونزوعها للسريّة،كما أن نُظمه أكثر تعقيدا في تمازج مع النفسي والروحي والعاطفي والاجتماعي والبرمجي. أما الفعل الإرهابي فله مسارات محدّدة يمكن تتبعها وتقصي خلفياتها وأبعادها ومآلاتها.
ضمن منظومة العقل الإرهابي ونظمه لابد من النظر في تقسيمات نوعية للعقل الإرهابي هي أساس المنظومة وجوهر النّظم، وهي في اعتقادي ضمن محورين الأول بين تنظيمي ومرضي والثانية بين مُبرمِج ومبرمَج.
1/العقل الإرهابي التنظيمي: وهو ما يكون ضمن فعل إرهابي مدروس خلفه خطط ومخطّطون وعقيدة فاسدة ولو قام به فرد واحد فمن المحال أن يتصرّف دون وجود من برمجه وأعز له ودفعه وسمّم فكره ولوّث عقله ونفسه.
2/العقل الإرهابي المرضيّ: يوجد في كل المجتمعات والعصور عقل إرهابي مرضي أو عرضي، بمعنى أن نفوسا مريضة ما يمكنها أن تتخذ بعدا إجراميا يصل إلى الإرهاب الذي يحمل معاني القتل والترويع والتشفي. ويكون ذلك بأثر ذاتي نفسي مريض، أو نفسي من صدمة أو مرض، أو روحي من حالات من فقدان الإنسانية والنزوع للشيطانية. أو خارجي بتأثرّ بقاتل أو أثر فساد مجتمع وانهيار قيم وفقدان قيمة وغياب معنى. ولكن كل هذه العقول لا شك مرّت بتمشٍّ مطابق لما سأبيّنه ولو كان المفعّل باطنيا وذاتيا مع عوامل خارجية لكنها لا شك تأثرت بمجرم معيّن أو بأفكار محددة مع سلسلة تتابعية مع الأحداث والمؤثرات التي حولت النفس والعقل والذات ككل إلى تلك الصبغة اللاإنسانية والدموية المتوحشة ضمن بعد الإضمار والتخفي – مثل القاتل المتسلسل – أو الإظهار والتشفي – مثل مجانين الطغاة -.
ولكن فيما يخص رحلتي هذه في العقل الإرهابي فإني أخصصها للتنظيمي منه، والذي ينخرط في نظم عنقودية لها مخطِّط ومخطّط ربما لا يعلم العقل الضحية منها إلا أوهاما زُيّنت له وزرعت فيه لتكون عنده أشد الحقائق يقينا وأجلى المسائل وضوحا. إلا أني على يقين أن كل عقل إرهابي إنما هو عقل مريض مختل في نفس فاسدة حاقدة وروح سيطرت عليها الظلمات وقلب لم يجد النور إليه سبيلا.