2 دقائق للقراءة
تم الشروع في التأليف في 26/11/ 2013 وتمت مراجعته وختامه بتاريخ 31-10-2014 11:15:46 (يعتبر هذا الكتاب برأي الكثير ممن قرأه وحسب رأيي أيضا من الكتب المهمة لفهم وتفكيك الظاهرة الارهابية من حيث كيفيات وآليات صناعة العقل الإرهابي وبرمجته ضمن مختزلات مهمة يمكن البناء عليها، وأنشره هنا كاملا لمن أراد الانتفاع والاطلاع والمناقشة)
لن تنتصر، ما لم تتمكن من الرؤية بعين عدوك.
(من كتابي فن الحرب بداية جديدة)
أذكر أني منذ سنوات قرأت بعض كُتب التاريخ، وصدمني العنف الدموي والقتل الذي لا يشبع. وأذكر أيضا أني شاهدت مشاهد حفرت عميقا في ذاتي مثل قتل محمد الدرة تحت جناح أبيه. كل هذه المشاهد وتلك التواريخ جسّدت وجها بشعا من وجوه ابن آدم، وجهٌ تمظهر أكثر فيما شهده العالم العربي من فوضى وإرهاب. وبعد سنين من البحث والمحاضرات والندوات والظهور الإعلامي المكثّف الذي سعيت فيه جهدي بالحجة والبرهان والتحليل العلمي والاستشراف إلى مساعدة وطني في حربه على الإرهاب، ولئن كنت غير راض عن تفاعل الدولة الرسمية مع ما بينته مع نخبة من الخبراء وأهل العلم، لكن لنا شرف المحاولة الجادة والصادقة، بعد كل هذا العمل العلمي والإعلامي، وجدتني أتلمّس كل مرّة أكثر قيمة البحث في عقل الإرهابي والغوص في فكره، من أفكار شكّلتها سابقا من خلال المناظرات مع بعض حملة الفكر المتطرّف (الوهابي تحديدا) ومن خلال رؤية تجمع بين تخصصي في الطب الطاقي والعلاج بالتنويم المغناطيسي، أو في فنون الحرب والاستراتيجيات الأمنية العسكرية، وأيضا ضمن تخصصي في الفكر الإسلامي والتيارات الإسلامية، ويأتي هذا الكتاب كتكثيف معرفي لتلك التجربة في نقطة ارتكاز أساسية تدرس عقل الإرهابي وتمشيات تحويله إلى تلك الدموية والظلامية ومنطلقات ذلك وأبعاده، مدعوما بجملة من الدراسات المهمة الأخرى ضمن دراسة وتفكيك وخبرة في مجالات مختلفة لها أن تتفاعل لتبني نموذجا دقيقا وتعطي رؤية أوضح. وقد تمت صياغة هذا الكتاب الذي أردته رحلة في عقل إرهابي،بأسلوب ميسّر ومبسّط ومختزل، تيسيرا للفهم وتعميما له،لكنّه على ذلك مفيد لأهل الاختصاص فيه للمختصين جدوى وللدولة فائدة، لأن فهم الظاهرة من الداخل أغنى وأهم من وصفها من الخارج، ولأن من أهم قواعد فنون الحرب فهم عقل العدو، وقراءته والغوص فيه ثم التصور بتصوره وبناء النظم المضادة وفهم نقاط الضعف والقوة. وسيكون الكتاب اختزالا لمسائل كثيرة تتعلق بالعقل الإرهابي ومكنونات الذات الحاوية له من جانبها النفسي والذهني والعقائدي والاجتماعي ونظم برمجتها وتفعيلها وأطرها الداخلية وصلة ذلك بنظم خارجية وتفاعلات مختلفة.
عليّ أن أشير قبل بداية الرحلة إلى أن ما سأذكره في هذا الكتاب هو خلاصة مختزلة أضيف إليها بعضا مما نشرته من حوارات صحفية أو دراسات ومقالات. وكل ما أقدّمه هنا هو نظر عقلي منطقي يمكن تطويره والبناء عليه. كما تنبغي الإشارة أن استفادة الدولة والمجتمع المدني من مثل هذه المعطيات يمكن أن تكون كبيرة حين يتم النظر بهدوء وقراءة الأسطر وما خلفها، ولعلّ في هذا الكتاب فائدة للعائلات كي تدرك كيفيات الإيقاع بالشباب في حبائل الإرهاب وليكون ذلك داعيا لمزيد التحصين لأبنائها. ولعلّي جاعل في هذا الكتاب أو كتاب يليه بعض الحلول والمعالجات ونظم الوقاية، رغم إقراري بصعوبة المعالجة لكن الوقاية خير، فمن يقع بين فكّي الإرهاب ويعتنق التطرّف يصعب جدا أن يتخلّص منه أو يغادر دوّامته…وأرجو فعلا أن أكون مخطئا.